قطر بين الولاء والمناورة: كيف فرضت الدوحة نفسها كالعب محوري في الحسابات الأمريكية؟

  • المجموعات الأخرى : الأخبار العاجلة
قطر بين الولاء والمناورة: كيف فرضت الدوحة نفسها كالعب محوري في الحسابات الأمريكية؟

قطر بين الولاء والمناورة:

 كيف فرضت الدوحة نفسها كالعب محوري في الحسابات الأمريكية؟

رغم صغرها الجغرافي، وقعت قطر على خريطة الكبار. من صحراء محدودة المساحة، صعدت الدوحة إلى واجهة الاستراتيجية الدولية، لا بصوتٍ مرتفع، بل بمناورة ذكية. كانت تعرف أن من لا يمتلك القوة الصلبة، عليه أن يتقن لعبة النفوذ الناعم.

في قلب الخليج، تجلس قاعدة "العديد" العسكرية، أكبر منشأة أميركية خارج الأراضي الأميركية. هناك لا تدوي الطائرات فقط، بل تُصاغ السياسات. هذه القاعدة منحت قطر حماية أمنية لا تملكها جغرافيًا، لكنها وظفتها سياسيًا بدهاء. واشنطن وجدت في قطر شريكًا مرنًا... لا يشاكس، لكنه لا يتبع.

وبينما كانت دول الخليج تُضيّق الخناق، فتحت قطر أبوابها لطالبان، ولعبت الوسيط بين الجماعة وواشنطن. في اللحظة التي انسحبت فيها أميركا من كابول، كانت الدوحة حاضرة بإجلاء المدنيين، بتأمين الطائرات، وبكتابة سيناريو الانسحاب. لم تكن قطر مجرد ناقل رسائل... بل كانت مخرجة المشهد.

لكن القصة لا تنتهي عند طالبان. فحماس موجودة أيضًا في الدوحة، ومعها أجندة فلسطينية لا تروق للبيت الأبيض. ومع ذلك، بقيت قطر شريكًا. لماذا؟ لأنها ببساطة لا تكسر الجسور. تبنيها في كل الاتجاهات: مع واشنطن، مع إيران، مع تركيا، ومع جماعات تصنَّف كإرهابية.

الإعلام؟ كان جزءًا من أدوات القوة. قناة الجزيرة لم تكن مجرد شاشة… كانت منصة لإعادة تشكيل الوعي العربي، ولمواجهة خصوم قطر من دون رصاصة واحدة. وهذا الإعلام لعب دوره في حروب النفوذ داخل الخليج، وخاصة خلال الحصار الذي فُرض على قطر عام 2017.

وفيما كانت الدول المجاورة تُقاطع، كانت الدوحة توقّع العقود مع مراكز الضغط الأميركية، تموّل مراكز الأبحاث، وتجلس في مكاتب "اللوبي" داخل واشنطن. استطاعت بذكاء أن تغيّر نغمة إدارة ترامب من اتهامها بالإرهاب… إلى وصفها بالحليف الإستراتيجي.

ثم جاء الغاز… سلاح جديد في يد الدولة الصغيرة. بعد الغزو الروسي لأوكرانيا، ووسط أزمة الطاقة العالمية، تحوّلت قطر من مجرد دولة مصدّرة إلى ركيزة في أمن الطاقة الأوروبي. الغاز القطري أصبح ضرورة، لا خيارًا، بالنسبة لحلفاء أميركا في أوروبا.

وهكذا، اجتمعت ثلاث أوراق في يد الدوحة: القاعدة العسكرية، الوساطة الدبلوماسية، والطاقة. لكن لكل مكسب ثمن. فهل تستطيع قطر الحفاظ على استقلال قرارها وسط هذه التوازنات؟ وهل تقبل واشنطن بلاعب مستقل لا يسير دائمًا في فلكها؟

الجواب ليس بسيطًا. فواشنطن لا تُحب الحلفاء الذين يناورون كثيرًا. لكن في الوقت ذاته، تحتاج إليهم. وقطر… أتقنت هذه اللعبة. تلعب على حافة التناقض… دون أن تسقط. إلى الآن